( محروسة كشفت وشها ( 1
كانت تمارس البغاء سرا.... تتخفى ليلا ... تخرج والناس نيام تسترق السمع فإذا هجعت الأبدان أعدت عدتها وخرجت تتلمس الظلام حتى تخرج من حييها دون أن يراها أحد، وهناك بعيدا عن هذا الحي المكتظ بالبشر كانت دنيا أخرى شبابا ورجالا يجوبون الشوارع بسيارتهم الفارهة عل أعينهم تقع على فريسة يقضون الليل بصحبتها ، كانت محروسة معروفة بهذا الشارع وكان لها مكان ومكانة لا يضارعها فيهما أحد ، فالكل يعرف تلك الناصية الواقعة بين شارع الحياة وشارع الثروة تقف محروسة على أعتاب تلك الناصية ولا يستطع أحد الوقوف بجانبها لا لخوف منها ولكن لأن الوقوف بجانبها يبرز عيوب الآخر، فمحروسة تمتلك سحر أخاذ يأخذ العقول ويشعل نار الهوى في القلوب ، تقف محروسة لبعض الدقائق حتى يأتيها زبونها المفضل يركب سيارة فارهة الطول هو شاب أبيض اللون أصفر الشعر له عينان خضروتان طويل القامة يلبس بذلة من الجينز يقف أمامها بسيارته فتهرول مسرعة إلى جواره وها هي تعود قبل الفجر إلى حيها دون أن يشعر بها أحد ، الكل يعرف في الحي أن محروسة مشيها بطال كما تردد دائما الحاجة أم العربي ولكن لا أحد رأى هذا بنفسه ، لكن الكل يعرف ولا تجلس نساء الحي جلسة إلا ويلمزون ويهمزون عليها دون التصريح ، فلا يستطيع أحدا أن يصرح بهذا إلا أم العربي والعجيب أن هذا لم يمنع أم العربي من التعامل معها ومجالستها بل إن أهل الحي ليعرفون أن أقرب من بالحي لمحروسة هي أم العربي ، كانت محروسة تعلم أن أهل الحي يعرفون في أنفسهم بأمرها لكنها تعلم أيضا بل توقن أنه لا يقدر أحدا منهم الحديث معها في هذا الأمر أو لومها فلقد استطاعت بذكائها وبنقودها أن توقف ألسنتهم الحادة في الحديث عن سيرتها صراحة إما بتعبيدهم بالإحسان إليهم بالهدايا والتسليف أو بمعرفة خباياهم وأسرارهم التي لو أشيعت لهدمت بيوت ولقطعت رقاب من هول ما تعرف عن رجال ونساء الحي فكأنها قد أمسكت بيديها ذلة على كل من بالحي تقيده بها بل وتستخدمه أحيانا في مآربها ورغباتها الكل تحت قيدها إلا الشيخ حسن فالشيخ حسن هو شيخ المسجد الأوحد بالحي وهو مسجد يؤم فيه عم حسن الناس ويقيم الشعائر في حال غياب المؤذن عم درويش ولكم هو كثير الغياب لكثرة تسفاره لقريته أو لعشقه الدائم بمتابعة الموالد ومناسكها ، عم حسن رجل أنهى من عمره العقد الخامس لكن هيئته وسمته لا يتناسبان مع هذا العمر فمن يراه لا يعطي له أكثر من خمسة وثلاثين عاما قوي البنية كث اللحية ،إلا أنه كثيرا ما يهذبها فتبدو دائما في حال جيده خفيف الشارب خمري اللون حسن الهندام حتى وإن لبس الملابس الأزهرية التي اعتاد ارتدائها خاصة يوم الجمعة ، هادئ الحال لا يتكلم إلا بالخير بين الناس وله منزلة ومكانة عالية وكبيرة في نفوس الناس يعمل معلما للغة العربية ويحفظ كتاب الله عن ظهر قلب لكن قلبه الأبيض وحسن ظنه بالناس لم يجعله يصدق أبدا ما يتردد من همز الناس ولمزهم على محروسة بل إن أهل الحي لا يستطيع أحد منهم أن يتحدث معه ويعرض بحديثه على هذه الإشارات خشية غضبه ، لم تخش محروسة من أحد مثل خشيتها من انكشاف أمرها أمام الشيخ حسن بل ولكم من مرة في معاملاتها معه لتتصنع الحياء والأدب وتتكلف الانضباط في القول وجدية السلوك بل إنها إن تحدثت إليه مباشرة تعمدت استخدام الأحاديث والآيات حتى ولو نطقت بهما خطأ ،وكانت تعلم أن خروجها ليلا لا يسمح لأحد من رؤيتها خاصة وأن بيتها في طرف الحي فلا كان يشغل بالها كثيرا أن أمرها قد ينكشف صراحة في الحي فصاحب السهر في حييها ينام مع دقات الساعة الواحدة وهي لا تخرج إلا بعد الثانية وعلى هذا اتفقت مع شابها المفضل و الذي كان يراعي ظروفها ولا يعبأ لتأخيرها ما دام سينال مراده ولو في آخر الليل .
مرت شهور على هذا الحال إلى أن أخبرها فتاها يوما أن عليها أن تخرج لمقابلته في أول الليل لأنه التحق بعمل هام في المنطقة الشرقية بشركة نفط ولا يستطيع أن يسهر كثيرا فعليها أن تخرج للقاءه في أول الليل وحدد لها الساعة العاشرة موعدا للقاءهما اليومي ، في البداية رفضت ، أخبرته أن هذا مستحيل فهذا قد يلوث سمعتها في حييها فأغراها بزيادة الأجر بل بمضاعفة ما كان يدفعه لها ... لم تتردد محروسة وأخذت قراراها وقالت اتفقنا سأرتب حالي لكن ستدفع بدل الضعف ضعفين فهز الفتى رأسه دالا على الموافقة وكأنه لا يأبه بهذا الشرط الذي ألقت به محروسة ثمنا للقاءه في الوقت الذي يريد.
رجعت محروسة إلى بيتها وهي غارقة في التفكير ... ماذا ستفعل ؟ كيف ستخرج من الحي وماذا ستقول لنساء الحي اللواتي يجلسن في الشرفات والشبابيك حتى منتصف الليل كانت تفكر مع الشيطان بل إنها كانت تكمل الأفكار له حتى حدثت نفسها قائلة إن نساء الحي يعرفن جيدا بأمري لكنهن لا يتحدثن معي بل ولا يستطعن أن يتحدثن عني أو معي في هذا وهن متأكدات من سلوكي فما يضير لو خرجت أمام أعينهن هل تستطيع واحدة منهن أن تتحدث بشئ كلهن في يدي ولو شئت لفضحتهن جميعا أو لمنعت عن بعضهن إحساني ...سأخرج... سأخرج في العاشرة ولن ينبس أحد منهن ببنت شفه ، أما بالنسبة لأم العربي ما المانع في رشوتها أو شراء سكوت لسانها القبيح أو إلجامها بصينية بسبوسة أو كنافة فبطنها لها حكم السيد على العبيد من باقي أعضائها خاصة هذا اللسان البذئ
وفي اليوم التالي خرجت محروسة متعطرة متزينة وأصرت على أن تحاول أن تضع عينيها في عين أي من النساء الواقفات في الشرفات والشبابيك إلا إن جميعهن دون استثناء اصطنعن عدم رؤيتها حتى إنها سلمت على أم العربي وهي جالسة مطلة من شباكها تأكل بيدها قطعة من البسبوسة بالقشدة فردت عليها السلام قائلة أهلا يا حج عوض أتفضل ضحكت محروسة ضحكة وقحة في تحد تحمل رسالة كشف لخبث هذه العجوز أم العربي التي تريد أثبات عدم رؤيتها لمحروسة بهذه الطريقة المضحكة
وليد
9 comments:
في الحقيقة أول مرة اعرف انك اديب كبير كده عرفتك إداري وعرفتك معتقل وعرفتك رئيس اتحاد بس أديب دية جدية واضح ان فيه ناس بتكتشف مواهبها متأخر أوي ... حقيقي والله قصة روعة ونتظر الجزء التاني
زميل زنزانة 11علوي
ملحق المزرعة
بصراحة زي ما قال الزميل بتاع الزنزانة ده ربنا يجعل كلمنا خفيف عليهم أول مرة اعرف انك بتاع قصص وكده ... بس باين عليك من زمان انك رومانسي كبير ومبتبينش بس كله هيبان والانكاار مش في مصلحتك أما عن موضوع ان الناس بتكتشف مواهبها متأخر الراجل لسه شباب وألف مين يتمناه ... واحنا جايين نهدي النفوس
د/ اسلام
إيه يا عمنا ده علاء الاسواني ذات نفسه بيكتب ... من يوم ما قريت عمارة يعقوبيان وشيكاجو وانت باين عليك ان القريحة استوت ... وبعدين اسلام بيهرج ايه الكلام اللي بيقوله ده عيب الكلام ده يتقال في البلوجات الكلام ده يتقال في الصالونات وربنا يتمم بخير يا عم بس ابقى اعزمنا عشان نجيب خالد ورحمة وملك
أبو مصب ... بس مش الزرقاوي والله
السلام عليكم جميعا
الأخ العزيز نزيل زنزانة 11 العلوي أنا متعجب أنت بتعمل ايه برة في هذه الأيام خاصة وإن الالتزام الحزبي يفرض عليك التكطاتف والمعايشة مع إخوانك بالداخل على العموم شكرا على مداخلتك والحمد لله إنها عجبتك والجزء الثاني يوم الخميس القادم إن شاء الله
- ماشي يا دكتور اسلام مردودالك قريبا ربنا يرزقك بمن يهدي النفوس في بيتكم قريبا
- الدكتور ابو مصعب حتى اسمك كتبته غلط ومفيش داعي ندخل العيال في الموضوع ايه جاب سيرة خالد ورحمة وملك
قصة جميلة يا وليد شوقتنا نرى الباقى ويا ريت يكون قريبا ان شاء الله و احنا فى انتظار القصتين المستخبين انت طبعا فاكرهم و ما تحرمناش من متعة القراءة لقصصك انا فعلا بستمتع بها جدا
السلام عليكم
اشكركم على التعليقات والتكملة يوم الأحد إن شاء الله
طبعا دية قصة رمزية على قد فهمي بس انت تقصد بمحروسة مصر ولا الحكومة وبردو تقصد بالمؤذن ده مين انا بعتقد انك تقصد الصوفيين يعني يا ريت تبقى الرموز اوضخ شوية
بنت النيل
سلام الله عليكم
جميل جدا ...... اتمنى ان يزول غموض الرموز بعد طرحك للجزء الثانى
مش تنزله بقى يا فندم
Post a Comment